قيم تعليمية في ثقافة احترام النظام العام (3)

بوابة فيتو 0 تعليق ارسل طباعة حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قيم تعليمية في ثقافة احترام النظام العام (3), اليوم الخميس 7 ديسمبر 2023 04:28 مساءً

المٌعلِّمُ في خاصَّة نفسِه وأَدَبِه 
 

معلوم أن أدب المعلم باب عظيم اعتنى به الفقهاء والعلماء، والأدب مفرد ويجمع على آداب، والأدب من مكارم الأخلاق ومحاسن العادات. والآداب هي جملة من الأمور ينبغي حتمًا أن يكون عليها المعلم في أقواله وأفعاله وسائر أحواله، في سيرته ومجلسه، في تعليمه وتعلمه، وجميع تصرفه.. 

 

لأن رسالة العلم من أعلى الرسالات وأرفعها مكانة، لذا فقد وجب أن ينال المعلم من الوقار والجلال مناله، فلا يكثر المزاح مع شريف فترتفع هيبته، ولا مع وضيع فيجترئ عليه، فآداب المعلم ظاهرة كانت أو باطنة، قولية كانت أو فعلية يجب أن تستجمع له المحاسن في خاصَة نفسه وعلمه.

Advertisements


وعليه فينبغي علي المعلم أن يكون قويًًا في غير عنف، لينًا في غير ضعف، عالمًا فقيهًا، ورٍعًًا نزيهًا، أمينًا عفيفًا، يتعفف عما في أيدي الناس، ويتورع في نفسه ومسيرته، فيرتفع بذلك عن الهنات والشبهات، ومن ثم فقد وجب في حقه أن يلتزم بحسن الأدب، وكمال الحكمة، وجمال النفس ظاهرًا وباطنًا، فيتجنب بذلك كل ما يعكر من صفاء نفسه أو نقاء سريرته، أو يشوش عليه أمره في أدبه وعلمه.


كما ينبغي على المعلم أن يجتهد في نفسه لأن يكون جميل الهيئة ظاهر الأبهة، وقور المشية والجِلسة، حسن النطق والصمت في حينه، محترزًا في كلامه عن فضول الكلام وما لا حاجة له فيه، كأنه يعد حروفه على نفسه عدًّا.. 

 

فإن كلامه محفوظ وذَلَله ملحوظ، وليكن ضحكه تبسمًا، ونظره فراسة وتوسمًا، وإطراقه تفهمًا، ويلبس ما يليق به، فإن ذلك أهيب في حقه، وأجمل في شكله، وأدل على فضله ورجحان عقله، وفي مخالفة ذلك نزول وتبذل.


وليلزم المعلم من السمت الحسن، والسكينة والوقار ما يحفظ مروءته، فتميل إليه همم المتعلمين، ويكبر في نفوسهم الجرأة عليه، من غير تكبر يظهره أو إعجاب يستشعره، فكلاهما شَيْن في الدِّين، وعيب في أخلاق المعلِمين والمؤدِبين.


كما ينبغي أن يكون المعلم صاحب حلم وأناة - الحلم سعة الصدر، والأناة التروي وعدم الاستعجال في الأمور-، فالصبر والأناة يحملان المعلم علي التروي والتحليل، واستدامة التأصيل والتحقيق والتدقيق لفنون العلم وضروب المعرفة، وعدم الاستعجال في أداء أمانة العلم ورسالة التعليم؛ دفعًا لشكلية الأداء، واستبقاءً لأمانة العلماء ورسالة العطاء.


لذا فقد وجب أن يكون لدي المعلم قدرًا من الحلم والأناة مما يسع المتعلمين بجميل رحمته وكريم لطفه، والحلم والأناة خصلتان يحبهما الله –عز وجل-، قال صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس: "إن فيك خصلتان يحبهما الله الحلم والأناة".


وأخيرًا ينبغي أن يوفَّر للمعلم ما يلزمه في أداء رسالته، على نحو يدفع عنه الضيق والدجر، ويدعوه إلى الإبداع والتفكر والتأمل والتدبر، ونقيض ذلك يجلب إليه الاضطراب والخلل. 

 


لذا فقد وجب أن يكون المعلم في حالة تعينه على أن يكون أصفى ذهنًا، وأوسع صدرًا، وأقدر معرفة على أداء الحق وبذل العطاء، فتجتمع فيه خصال الخير والرفعة، إذا رأيته ذكرتك بالله رؤيتُه، وذلك على الله حالُه، وزاد في علمك منطِقُه، وإذا رآك غافلًا ذكَّرك، وإذا رآك ذاكرًا أعانك، فهذا هو المعلم حقًا والمؤدِب صدقًا.. ألا فتأمل؟!.

أخبار ذات صلة

0 تعليق